| تفاصيل الخبر |
مراكز البحث العلمي مصدر إبداع وبوابة للتنمية
2024-01-15
الأستاذ المساعد الدكتور عمر ياسين نده
مركز تنمية حوض أعالي الفرات/ جامعة الانبار
لا شك أن البحث العلمي بشكل عام يُعد الركيزة الأساس لكل العلوم، إذ إن العلوم بشقيها التطبيقية والنظرية لا يمكن أن تخرج بالنتائج المرجوة من دون أن تدخل مراحل البحث العلمي الرصين، وما سباق العالم الآن نحو التطور والريادة، إلا من خلال ما تنتجه الأبحاث، وبالذات الأبحاث التي تتضافر فيها جهود عدة باحثين في آن واحد، وربما بتخصصات عدة يكمل بعضها الآخر؛ ومن هنا تأتي أهمية هذه المؤسسات العلمية التي تدمج بين علوم مختلفة، لتصهرها في بوتقة الحاجة للوصول الهدف المنشود.
ومن خلال التعريف الذي وضع للمراكز البحثية بأنها: "تجمع وتنظيم لنخبة متميزة ومتخصصة من الباحثين تعكف على دراسة معمقة ومستفيضة لتقدم استشارات أو سيناريوهات مستقبلية يمكن أن تساعد أصحاب القرارات في تعديل أو رسم سياستهم بناء على هذه المقترحات في مجالات مختلفة"* ندرك على الفور مدى أهميتها لمعالجة المشكلات التي تعاني منها مختلف المؤسسات والمجتمع بشكل عام، ومن هذا المنطلق يمكن أن تدمج هذه المراكز بين الغاية والوسيلة: فما يشهده العالم من تغيرات متسارعة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، التي تسير بالتوازي معها مشكلات وحاجات لا تقل تسارعاً كماً ونوعاً من تلك التغيرات، فيصبح البحث العلمي هو الوسيلة الأمثل في مثل هذه الظروف، لأن من أساسيات نشوئه أن يعالج مشكلة أو يحقق غاية، بل ولا تقتصر أهمية تلك المراكز على حل المشكلات، بل تتجاوزها لتدخل في نطاق صنع القرار من خلال ما تقدمه من رؤى مستقبلية مبنية أسس تعززها قواعد بيانات متراكمة، تعطي لصانع القرار الأفق الواسع والرؤية المتقدمة، وقد تحدث (جيمس ماك جين) أحد خبراء معهد بحوث السياسات في الولايات المتحدة عن أهمية المراكز البحثية فقال "بأنها ليست فقط للتزويد بالمعلومات، وإنما يستعان بها لوضع وتقرير أجندة السياسات، أي أنها تقوم من خلال دراستها وأبحاثها في صنع القرار السياسي"**.
فضلاً عن ذلك فإن المراكز البحثية تطرح نظريات علمية أكاديمية تُقدم كمادة خام لطلبة العلم، وكذا ما ينتج عنها من خدمات تدريبية، وما تسعى لتقديمه للمجتمع من خلال قنوات التعاون مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات العلمية الأخرى، وما يثمر عن ذلك كله من خبرات متراكمة لباحثين أكفاء تمتزج قدراتهم المعرفية بجهد مؤسسي يدير تلك المعارف نحو أهدافها المرسومة.
مما تقدم من الممكن أن يدرك القارئ بشكل موجز أهمية البحث العلمي وأهمية انطلاقه من المراكز البحثية؛ يبقى التساؤل هل أن ما تعيشه هذه المؤسسات يحقق الغاية التي أُسست من أجلها؟ والجواب على ذلك ينقسم إلى شقين: الشق الأول: يعتمد على الاستراتيجية التي تم تأسيس تلك المراكز عليها، وهذا بحد ذاته يعتمد استراتيجيات متعددة منها دراسة المشكلات وتحديدها، ورسم سياسة واضحة تعتمد المتوفر والطموح في ظل البنى الأساسية المتوفرة (منشأ وملاكات تخصصية ودعم لوجستي وقوانين وتشريعات وصلاحيات)، أما الشق الثاني: هو تقييم ما تنتجه هذه المؤسسة من دراسات وأبحاث وخدمات، وقياسه بالغاية والهدف المرسومين.
ولسنا بمعزل عن العالم وما يشهده من تغيرات، بل نحن أحد أقطابه إن أدركنا ذلك!!! فما نمتلكه من مٌقدرات مادية وبشرية تدفعنا للتفكر والعمل من أجل اللحاق بركب التطور، وبالأخص إذا علمنا أن ذلك النتاج المادي الهائل الذي يكون بين أيدينا تارة، وتارة هو وسيلة لتحجيمنا، هو في الغالب ثمرة ونتاج المراكز البحثية العالمية.
#مركز_تنمية_حوض_اعالي_الفرات
#Upper_Euphrates_Basin_Developing_Center
* عصام زيدان: www.siironline.org
https://jilrc.com/archives/12774 لطيفة عمر البرق:**
